يعد آلان تورنغ واحدًا من أكثر علماء الرياضيات تأثيرًا في القرن العشرين، في عام 1935 نشر تورنغ ورقة بحث  بعنوان: “On Computable Numbers, With an Application to the Entscheidungsproblem” في محاولة لحل معضلة رياضية انتشرت بين الرياضيين في بدايات القرن الماضي، فيما بعد أصبحت هذه الورقة حجر الأساس الذي بنيت عليه أنظمة الحاسوب الحديث.

أشعلت المعضلة التي تناولها تورنغ في مقالته الكثير من النقاشات بين الرياضيين في تلك الفترة. كانت المسألة تتعلق بإمكانية تقرير صواب أو خطأ مقولة رياضية بشكل قاطع بإستخدام نظام متتابع، وهو ما نسميه اليوم بالخوارزمية. اثبت تورنغ في هذه الورقة أن هناك معضلات رياضية لا يمكن حلها باستخدام الخوارزمية، حيث أكد البحث أن هناك حد جوهري لا يمكن للآلات تجاوزه. 

تورنغ وقت الحرب

لم تقتصر إسهامات تورنغ على مجالي الرياضيات والحاسوب فقط، فقد كان لتورنغ دور جوهري في إنهاء الحرب العالمية الثانية. يقدر الخبراء أنه لولا اسهامات تورنغ في الحرب ربما دامت الحرب لعدة سنوات أكثر وأزهقت ملايين الأرواح الإضافية. خلال الحرب عمل تورنغ لدى الحكومة البريطانية كمحلل شفرات، وركز عمله على كسر شفرة إنجما التي كان الجيش الألماني يستخدمها للتواصل ونقل المعلومات السرية حول حركات قطاعات الجيش النازي. 

كانت الإنجما عبارة عن جهاز شبيه بالطابعة الإعتيادية والتي عند الطباعة فيها تقوم بإخراج نص مشفر غير قابل للقراءة. حيث استطاع الجواسيس البريطانيين اعتراض إحدى الرسائل المشفرة، وعند محاولة حل تشفيرها وجدوا أنفسهم أمام 159 مليار مليار احتمال ممكن، مما يعني أن حلها أقرب للمستحيل في ذلك الزمن. 

مستفيدًا من الأبحاث التي خلفها علماء الرياضيات البولنديين في هذا المجال، استطاع تورنغ وفريقه من بناء آلة عملاقة استطاعات حساب جميع هذه الاحتمالات وفك الرسالة المشفرة في وقت قياسي. هذا الشيء عنى أن الحكومة البريطانية وحلفائها استطاعوا الاطلاع على جميع الرسائل والتحركات والخطط العسكرية الخاصة بالجيش الألماني، مما منحهم أفضلية ساحقة في الحرب.

تورنغ ما بعد الحرب

أكثر أعمال تورنغ شهرة بعد فترة الحرب هي ورقته البحثية (هل تستطيع الآلات التفكير؟) والتي تشكل حجر الأساس لمجال الذكاء الاصطناعي الذي نتبع خطاه اليوم. حيث صمم تورنغ اختبارًأ معينًا من أجل تحديد هل يمكن للآلة  اظهار مستوى من الوعي مشابه لهذا الذي يملكه البشر، سمي هذا الاختبار بـ(اختبار تورنغ).

بالإضافة لذلك أظهر تورنغ فضول كبير في مجال البايولوجيا وبالخصوص بالرياضيات التي تقف في عملية تشكيل الأنماط والأشكال الخاصة بالكائنات العضوية وعلاقتها بالطبيعة. 

في 2019 أعلنت الحكومة البريطانية أنها ستضع وجه عالم الرياضيات على عملة الـ 50 باوند كتكريم لإسهاماته العظيمة للدولة، وتم تداول هذه العملة بشكل رسمي هذا العام في 23 من يونيو في يوم ميلاده.